القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير logo    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
290009 مشاهدة print word pdf
line-top
الحرمة المؤبدة بسبب المصاهرة

* وأربع من الصهر، وهن:أمهات الزوجات،وإن علون،وبناتهن، وإن نزلن، إذا كان قد دخل بأمهاتهن، وزوجات الآباء، وإن علون، وزوجات الأبناء، وإن نزلن، من نسب أو رضاع. والأصل في هذا قوله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ إلى آخرها النساء: 23 وقوله صلى الله عليه وسلم: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب أو من الولادة متفق عليه .


3- أربع من المصاهرة:
قوله: (وأربع من الصهر، وهن: أمهات الزوجات، وإن علون... إلخ):
أي: ومن المحرمات إلى الأبد أربع من المصاهرة وهن:
أولا: أم الزوجة: لقوله تعالى: وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ النساء: 23 فإذا تزوج الإنسان امرأة ولم يدخل بها حرمت عليه أمها مطلقًا، حتى ولو طلقت البنت قبل الدخول، ولو ماتت قبل الدخول، أما بنتها فلا تصير محرمة إلا إذا دخل بالأم، فإذا كان للزوجة بنات من غيره فإنهن محرم له بشرط أن يدخل بأمهن، وهذا هو المذكور في قوله تعالى: وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ النساء:23 فإذا تزوج امرأة ثم

طلقها قبل أن يدخل بها، أو ماتت قبل أن يدخل بها جاز أن يتزوج بنتها؛ لأنها لم يكن لها به قرابة.
ويدخل في قوله: وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ جدتها أم الأم، وجدتها أم أبيها، وإن علت.
ثانيًا: بنت الزوجة من غيره، وهي الربيبة: لقوله تعالى:(وربائبكم ) , والربيبة هي: بنت زوجته، ويدخل فيها: بنت بنتها، وبنت ابنها، فإذا كان لزوجتك بنت وابن من غيرك، فإن بنتها وبنت بنتها محرم لك، وكذلك بنت ابنها، وأيضا لو طلقتها ونكحت آخر وأتت منه ببنات، فإن بناتها من بعد ذلك محارم لك، ولو لم تكن ربيبة، وإنما ذكر كونها ربيبة بناء على الأغلب، يعني: أن الغالب أن بنت زوجته تتربى في حجره مع أولاده، ولكن قد لا تتربى عنده فقد تكون عند أبيها ولكن لأنها بنت زوجته لذلك حرمت عليه، وكذلك بنت ابن زوجته. هاتان ثنتان من المحرمات بالصهر.
ثالثا: زوجة الأب: وقد ورد تحريمها في قوله تعالى: وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ النساء: 22 ويدخل في الآباء الأجداد، فزوجة أبيك ولو بعد طلاقه أو بعد موته محرم لك، وكذا زوجة جدك- أيَّ جدٍّ- أبي الأم، وزوجة جدك أبي الأب كلهن محارم لك؛ وذلك لأن الجد يسمى أبًا ولو لم يكن وارثًا؛ لأن الأب اسم لمن له ولادة.
وقد ذكرهم الله تعالى في المحارم الذين يباح للمرأة أن تظهر أمامهم زينتها، قال تعالى: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ النور:31 .

وبعولتهن هم: أزواجهن، فيباح لها أن تكشف زينتها لأبي زوجها، وكذلك جده، وجد أبيه، وجد أمه، كما يباح لها أن تكشف لابن زوجها، وابن ابنه، وابن بنته، وإن نزل، لعموم هذه الآية.
رابعا: زوجة الابن: وقد حرمت في قوله: وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ النساء: 23 وحلائل أبنائكم هن: زوجات الأبناء، وإن نزلوا.
قوله: (من نسب أو رضاع):
أي: أن من المحرمات إلى أبد زوجات الأبناء وأبناء الأبناء وإن نزلوا؛ سواء كانوا أبناء من النسب أو من الرضاع.
وكذلك زوجات الآباء وآباء الآباء وإن علوا؛ سواء كانوا آباء من النسب أو من الرضاع.
وزوجة الابن من الرضاع، وزوجة الأب من الرضاع، هذه فيها خلاف، فالمؤلف- رحمه الله- يرى أنها تحرم، يعني: أن أباك من الرضاع تكشف له امرأتك، وابنك من الرضاع تكشف له امرأتك وإن لم تكن أرضعته، فلو كان لك زوجتان فأرضعت إحداهما صبيًّا، فعلى قول المؤلف فإنه محرم على زوجتيك التي أرضعته والتي لم ترضعه؛ ذلك لأنه ابنك ، فيكون داخلا في قوله صلى الله عليه وسلم: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ويكون داخلا في قوله: وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ فيدخل فيها الابن من الرضاع والابن من الولادة.

لكن أشكل قوله: الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ فقد يقال: إن الابن من الرضاع ينسب إلى الصلب، وذلك لأن اللبن يتحلل من الجسد كله، واللبن الذي في المرأة سببه هذا الرجل الذي حملت المرأة من مائه الذي من صلبه، فوجد هذا اللبن الذي هو سببه؛ فيكون اللبن منهما جميعًا، وهو من الصلب.
وقد فهم بعض المشايخ من هذه الآية أنه لا يدخل فيها الابن من الرضاع؛ لقوله: مِنْ أَصْلَابِكُمْ منهم الشيخ محمد بن عثيمين، فهو يرى أن الابن من الرضاع لا يكشف على زوجة أبيه من الرضاع، وهو هنا يخالف شيخه السعدي.
ولكن المفسرين للقرآن جعلوا الابن من الرضاع مثل الابن من الصلب، قالوا: إن الصلب موجود وإن الرضاعة سببها هذا الرجل، فهو من صلبه وينسب إليه، وإن لم يكن وارثا، ثم قالوا: إن الآية أخرجت المتبنى وهو الدعي، وقد كانوا في الجاهلية يتبنى أحدهم شخصًا فيسميه ابنه، فأخرجت الابن المدعى الذي يسمى دعيًّا ويسمى متبنى، كما في سورة الأحزاب في قوله تعالى: وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ الأحزاب: 4 فكانوا إذا رأى أحدهم طفلاً أعجبه نباته وأعجبه حسنه وجماله تبناه وقال: اشهدوا أن هذا ابني، فيصير دعيًّا ويصير ابنًا له، وينسب إليه ويرثه، فنسخ الله ذلك.
وكان منهم زيد بن حارثة الذي كان يُدْعى زيد بن محمد؛ لأنه لما أعتقه عليه الصلاة والسلام تبناه، فنسخ الله قرابته وأنزل فيه قرآنا في قوله تعالى: لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ الأحزاب: 37 أدعياؤهم، أي: الذين يسمونهم أبناء لهم وهم ليسوا بأبنائهم، وأنزل أيضا فيهم: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ [الأحزاب: 5] .

فلما نزلت قال زيد بن حارثة: أنا زيد بن حارثة، وقد كان يدعى زيد بن محمد.
فقوله: الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ إنما هي لإخراج المتبنى فإنه ليس ابنا لا من ولادة ولا من رضاعة.
* فالحاصل أن المحرمات تحريمًا مؤبدًا ذكر منهن:
الأم من النسب، والأم من الرضاعة، والبنت من النسب، والبنت من الرضاعة، والأخت من النسب، والأخت من الرضاعة، وبنت الأخت من النسب، وبنت الأخت من الرضاعة، وبنت الأخ من النسب، وبنت الأخ من الرضاعة، والعمة من النسب، والعمة من الرضاعة، والخالة من النسب، والخالة من الرضاعة، هؤلاء أربعة عشر قرابتهن نسب أو رضاعة، أما اللاتي من المصاهرة فهن: أم الزوجة وبنتها إذا كان قد دخل بها، وزوجة الأب، وزوجة الابن، هؤلاء ثمانية عشر.
قوله: (والأصل في هذا قوله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ إلخ):
والدليل على المحرمات إلى الأبد، هذه الآية، وهي قوله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا النساء: 23 .

وقوله صلى الله عليه وسلم: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب أو من الولادة متفق عليه.

line-bottom